قرآن وسنة
د. عبد الله النجار
لست عضواً في الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية. ولم احظ بشرف الاشتراك في أي عمل دعوي أو اجتماعي أو إنساني بها. ولكنني اعرف إمامها العالم الجليل الدكتور محمد مختار المهدي عن قرب من خلال زمالتنا في مجمع البحوث الاسلامية التي اتاحت لي ان اقف علي كثير من صفاته الكريمة وأخلاقه العالية وأدبه الجم وعلمه الغزير وحرصه الواضح علي التمسك بهدي كتاب الله تعالي. وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم واحساسه المتميز بالتواصل الانساني الفعال بين المسلمين جميعا. وذلك من منطلق ايمانه الراسخ بحديث النبي صلي الله عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي".
وحين يعجز الانسان عن الإحاطة بكافة وجوه الخير في جهة ما فإنه يستطيع ان يقف عليها أو علي قدر كبير منها إذا ما اتيح له الحظ الوفير من الوقوف علي خصال المسئول عنها. لانه بمثابة الرأس الذي إذا صلح كان صلاحه دليلا علي صلاح البدن واستقامة وجهته نحو الخير والنجاح. ولهذا فإنني ومن خلال معرفتي بفضيلة الاستاذ الدكتور محمد مختار المهدي امام تلك الجمعية ايقنت انها لابد ان تكون محل التقدير من ذوي النظر الصحيح في الحكم علي الرجال والجهات. ولهذا لم يكن حصولها علي جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الاسلام هذا العام مفاجأة لي بل كان شيئا متوقعا لانها تستحق ذلك وماهو أكثر وأكبر منه عند الله تعالي الذي لايضيع اجر من احسن عملا لقد اسعدني هذا التكريم كثيرا رغم أنه كان متوقعا لي. ورغم انني كما قلت: لست عضوا فيها او مشاركا في أي من انشطتها. لان التكريم عندما يصادف اهله. ويلاقي محله يكون فيه دليل علي أن روح الخير في الدنيا مازالت حية. ويصدق ما اشار اليه القرآن الكريم عن جزاء المحسنين في الدنيا والاخرة وان الجزاء علي وفق العمل. لقد بدأت سيرة تلك الجمعية العامرة منذ تأسيسها علي يد المرحوم الامام الكبير الشيخ محمود محمد السبكي المتوفي يوم الجمعة الموافق للرابع عشر من محرم سنة 1353ه وقبل ان يلحق بالرفيق الاعلي باحدي وعشرين سنة. حيث تأسست في غرة المحرم سنة 1331ه فكانت خير مستهل لعام اصبح بافتتاحها من أحسن الاعوام. وبدأت فتية قوية منذ بدايات مولدها فلم تقصر ولم تتقاعد عن سنين التطوير والتحديث بما يعمق رسالتها ويرسخ المفاهيم الاسلامية الصحيحة في التكافل الاسلامي. وكانت بعيدة النظر عندما بكرت برعاية الاسرة والامومة والطفولة مع بقية انشطتها الدعوية والخيرية التي اشارت اليها المادة الاولي من قانون تأسيسها وهي الانشطة التي لم تلتفت اليها المؤسسات المعاصرة الا في وقتنا الحالي وبعد ان بدأت جهات الاهتمام الدولية في الالتفات اليها. لكن اهم مايميز نشاطها طوال تلك المدة. انها لم تقصد باعمالها الخيرية غير وجه الله تعالي. فلم يغرها الانخراط في السياسة. ولم يشغلها تحصيل مغنم دنيوي نظير ماتقوم به كما يفعل الكثيرون في مثل موقعها أو أقل منه. ولهذا احاط بها المسلمون واحتضنوا رسالتها بكل ماهو غال ونفيس. واحترمها السياسيون والرسميون لانهم لم يجدوا انحرافا في رسالتها الانسانية الخالصة والاسلامية الصافية. وبفضل هذا النجاح لم يتعثر سيرها عندما ادلهمته الخطوب وهاج العالم وماج ودب الشك في كل منحي الا تلك المؤسسة الاسلامية الاهلية العريقة. فتحية صادقة للعاملين فيها وتهنئة مخلصة بهذا الفوز العظيم