إفلاس وانهيارات للبنوك وأسواق المال
'سبتمبر جديد' يضرب الاقتصاد الأمريكي
حسين عبد ربه
ثثلما بدأ الرئيس الأمريكي جورج بوش فترته الرئاسية بموجة من الانهيارات شهدها الاقتصاد الأمريكي 2000/2001 شاء القدر ألا يغادر الرئيس الأمريكي البيت الأبيض بعد أشهر قليلة إلا بنفس النتيجة فقد دخل الاقتصاد الأمريكي في نفق مظلم.. حيث اجتاحت المؤسسات المالية الأمريكية أعاصير ورياح عصفت بأقوي اقتصاد في العالم نتج عنها الأسبوع الماضي افلاس رابع
بنك استثماري أمريكي وهو 'ليمان براذرز' ودخول بنك أوف أمريكا لشراء مؤسسة ميريل لينش والتي كانت علي حافة الافلاس، واضطرار الحكومة الأمريكية للتدخل لانقاذ شركتي الاقراض العقاري 'فريدي ماك' و'فاني مان' من الافلاس حيث دعمت الشركتين بنحو 200 مليار دولار وإعانة إحدي كبري الشركات الامريكية في مجال التأمين وهو أمر اعتبره الخبراء بأنه تدخل حكومي ضد طبيعة الرأسمالية.. ولكن لم يكن أمام الإدارة الأمريكية ممثلة في وزارة الخزانة والبنك الاحتياطي الفيدرالي سوي التدخل لانقاذ أمريكا من الافلاس خاصة بعد انهيار عدد كبير من الشركات منذ أزمة الرهن العقاري في النصف الثاني من العام الماضي والتي كانت مؤشرا علي ان الاقتصاد الأمريكي علي أبواب مرحلة تباطؤ وأن ما يحدث حاليا هو أحد تداعيات هذه الأزمة التي امتدت إلي البورصات العالمية لتشهد هبوطا قياسيا لأسعار الأسهم وحصد مستثمروها خسائر بمليارات الدولارات.
والملاحظ أيضا هو انهيار البورصات العربية بدءا من البورصة المصرية وحتي بورصات دول الخليج التي عانت من هذه الأزمة ونزفت خسائر بمليارات الدولارات من خلال الصناديق السيادية المملوكة لدول الخليج والتي تقدر بعدد من تريليونات الدولارات باعتبارها تستثمر اموالها في بورصات امريكا وأوربا.
فكانت البورصات العربية علي مدي أيام من الأسبوع الماضي لا تعرف سوي اللون الاحمر وهو علامة التراجع والهبوط لغالبية الأسهم ودفع المستثمرون الأفراد ثمن هذا الهبوط خسائر جمة نتيجة انفتاح هذه البورصات وارتباطها بالأسواق العالمية.
فالبورصة المصرية سجلت هبوطا قياسيا بنحو 6% لتستمر موجة الهبوط التي تشهدها البورصة منذ عدة أسابيع.
وكانت مبيعات الأجانب وتحديدا المرتبطين بأسواق المال العالمية وصناديق الاستثمار الأجنبية سببا في هبوط البورصة المصرية وتداعيات الأزمة لن تقف عند حدود البورصات فقط فحالة التباطؤ التي دخلها الاقتصاد الأمريكي هي مقدمة لمرحلة انكماشية للاقتصاد العالمي.. وهو الأمر الذي يعني أن الاقتصاد المصري لن يستطيع أن يحقق معدلات نمو مرتفعة فوق ال7% كما كان مستهدفا خاصة مع ارتفاع معدلات التضخم.. الأمر الآخر الذي يعزز من الحالة الانكماشية للاقتصاد العالمي هو استمرار ارتفاع اسعار النفط والغذاء وتذبذب اسعار الدولار والذهب.. وقد اجبرت الأزمة الراهنة حكومات الدول من عتاة الرأسمالية إلي التخلي كثيرا عن مبادئها بالتدخل لانقاذ اقتصاداتها من الانهيار ، إذ سعت البنوك المركزية إلي ضخ نحو 27 مليار دولار لانقاذ أسواق المال من الانهيار وهو درس يجب أن تدركه جيدا حكومات الدول الساعية نحو الاقتصاد الحر في كيفية وزمن التدخل في مثل هذه الازمات دون التشنج أو التبرير بأن ذلك ضد مبادئ الاقتصاد الحر.. ومن هنا فإن أمر التدخل الحكومي يجب النظر إليه علي أنه تدخل للانقاذ لاقتصاد دولة وليس لانقاذ مؤسسة ما..
ولذلك فإن الإدارة الأمريكية ومعها حكومات أوربا باتت في حالة طوارئ لمواجهة تداعيات أزمة الاقتصاد الأمريكي سواء بالبحث عن آليات لانقاذ المؤسسات المالية واسواق المال من الانهيار أو كيفية تأمين اقتصاداتها من مثل هذه الأزمات، خاصة أن هذه الأزمة لم تنته ، فهناك مؤسستان من كبري المؤسسات العالمية وهما جولدن مان ساكس ومورجان ستانلي علي مشارف اعلان نتائج اعمال الربع الثالث من العام المالي والنتائج ليست بعيدة عن الخسائر التي لحقت بغالبية المؤسسات المالية في أمريكا علي مدي الأشهر الماضية.
ومع تصاعد حدة الأزمة التزمت الحكومة المصرية الصمت ولم يخرج أحد مسئوليها ليطمئن حتي المستثمرين بأن مصر لم تتأثر كثيرا بهذه الأزمة ولكن علي ما يبدو فإن هؤلاء المسئولين يدركون جيدا أننا دول أقل من أن تتأثر بمثل هذه الأزمات العالمية لأننا اقتصاد ضعيف أو أن هؤلاء المسئولين في حالة انعقاد دائم علي موائد الافطار وأن ما يحدث لا يشغلهم أو أن مصر في مأمن من تداعيات هذه الأزمات.